الموقع الأثري كستيليا بولاية توزر يكشف عن أسراره
تتواصل الحفريات الأثرية بموقع كستيليا الأثري بتوزر للمرة الثالثة على التوالي تحت اشراف باحثين من المعهد الوطني للتراث (مراد الشتوي وعربي الصغير العربي).
علما أن الحفريات الأثرية لهذه السنة انطلقت منذ 01 فيفري 2019 وتواصلت إلى 20 من نفس الشهر حيث تمكن فريق البحث من خلالها اكتشاف عدة مباني سكنية بجوار الكنيسة مما يعطى هذا الموقع الأهمية من الناحية الأثرية. يذكر أنّ هذا الموقع يمسح قرابة الهكتار.
كشفت الحفريات التي ينفذها المعهد الوطني للتراث بالموقع الأثري كستيليا الموجود بين مدينتي توزر ودقاش على أسرار الكنيسة البيزنطية التي تعود الى العهد الروماني المتأخر أي ما بين القرنين الخامس والسابع للميلاد كما توصل فريق العمل الى التعرف على عدة مكونات داخل الكنيسة وفي محيطها القريب.
وبحسب النتائج الأولى التي قدمها فريق البحث على رأسهم مراد الشتوي ممثل المعهد الوطني للتراث بولاية توزر وبسام بن سعد المختص في العمارة الأثرية بالمعهد الوطني للتراث، فإن الكنيسة تحتوي على ثلاث مكونات رئيسية تتمثل في مدخل رئيسي ومدخلين فرعيين وملحقان ومعلم دائري وتمتد مساحة الكنيسة على 140 متر مربع وبارتفاع يتراوح بين 3,50 متر و3,70 متر.
ويلاحظ حسب بسام بن سعد وجود أربع أعمدة رئيسية حاملة للمعلم وتختلف نوعية البناء من جزء الى آخر ما يثبت أن المعلم خضع في فترات تاريخية متباعدة الى التهيئة والترميم مبينا أن المواد الأولي هي محلية ويرجح أنه تم جلب الحجارة من مدخل مدينة دقاش هذا فضلا عن الاعتناء بالزينة والزخرفة بوجود أعمدة وتيجان ذات نوعية عالية.
ويضيف من ناحيته مراد الشتوي أنه وقع اكتشاف مجموعة من القطع الخزفية والأواني الفخارية بالإضافة الى قناديل وجدت بالقرب من المعبد مبينا أن الشكل الهندسي للكنيسة تحتوي على ثلاثة أروقة ويضم الرواق الأوسط المعبد الذي يقابله المحراب وغرفتين في الجانبين الأيمن والأيسر للمحراب.
ولفت الى أن التقنية المستعملة في البناء هي التقنية التي تميز الفترة الرومانية المتأخرة مشيرا الى أن توظيف واستغلال الكنيسة قد تواصل لنحو قرنين أو أكثر، وسيعطي هذا المعلم بحسب تأكيده قيمة تاريخية وحضارية لجهة الجريد ويبرز دور المعهد الوطني للتراث في الحفاظ على الموروث الحضاري والثقافي للبلاد التونسية ملاحظا أن وجود الكنيسة في أقصى البلاد التونسية إنما دليل على وجود الديانة المسيحية وذلك بوجود معالم مسيحية منتشرة في كامل أنحاء البلاد لعل أبرزها كنائس سبيطلة.
وتذكر بعض المصادر الكنيسية وفق مراد الشتوي وجود أساقفة من منطقة الجريد قد كان لهم حضور في القرن الخامس في المؤتمر الكنيسي الذي عقد حوالي سنة 411 ميلادي في قرطاج مبينا أن اكتشاف هذا المعلم الأثري يدعم الوجود المسيحي في الجنوب عموما ومنطقة الجريد خصوصا الذي تحدثت عنه عدة مراجع.
ويكشف بدوره العربي صغير العربي الباحث بالمعهد الوطني للتراث أنه الى جانب الكنيسة ومكوناتها فإن الحفريات تهدف الى التأكد من وجود بناءات أخرى مجاورة وذلك بالاشتغال على حيطان كانت بارزة تمت إزالة الأتربة عليها وكشفت بالفعل عن وجود بناءات أخرى مجاورة بعضها ملاصق للكنيسة وبعضها في المحيط تمتد الى غاية الواحة القريبة مرجحا أن تكون هذه الجدران هياكل لمساكن ومباني ستكشف الحفريات عن وظيفتها ودورها.
وبين أن تحاليل الخزف ستكشف لاحقا الحقبة الزمنية الدقيقة للمعلم والذي مثل حسب المعطيات الأولى نقطة وصل بين توزروس أي توزر وتيقاس أي دقاش حيث كان مغمورا بالكامل بالرمال وهو ما جعله يحافظ على كامل مكوناته ومحتوياته.